جامعة الأزهر.. قبلة القلوب والعقول
بقلم/ عمر عبد الجواد
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
الإبداع صناعة، والنجاح له قواعد، ليس كما يُشاع أنه مصادفة، فنواميس الكون ثابتة، والله- عز وجل- لم يخلق شيئًا عبثًا، ومن أراد الوصول إلى القمة فلا بد أن يتسلق وعورة الجبال؛ حتى يستنشق هواءَ العُلا، ويُصبح رمزًا تتطاول الأعناق حتى تراه .
جامعة الأزهر، تلك الجامعة الشريفة قولًا وفعلًا، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، إنها البذرة المباركة والغرس الطيب الذي أراد واضعوه أن يتشيَّع، فأبى الله إلا أن يكون رمزًا لأهل السنة وأنصار الوسطية والاعتدال.
بدأتُ في التغطية الصحفية لجامعة الأزهر عام ٢٠٠٣م، مع قدوم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب- شيخ الأزهر- لرئاسة الجامعة، ونظرًا لحضارته الفكرية وثقافته المستنيرة أطلق الجامعة إلى عنان العالمية وفق الأطر العصرية، وكان فضيلته شجاعًا في التصدي للمؤامرات التي كانت تحاك من بعض الفصائل السياسية؛ للعبث بأمن واستقرار الجامعة، فصلابة منْبتهِ انعكست على حسم قراراته.
ومضت عجلة الزمان حاملة أحداثًا لا تقوى عليها الجبال، لكن جامعة الأزهر كانت بعزيمة علمائها أقوى من الجبال، ففي عام ٢٠١٣م كانت ألسنة اللهب تشكو للسماء ما فعله بعضُ الطلاب المندسين على فكر الأزهر، وكانت محاولاتهم لإطفاء نور الأزهر بمثابة الشعاع الذي أضاء للعالم كله ما تحملُهُ تلك الجامعة من خير للبشرية، وأنها محروسة بالعناية الإلهية والرعاية الربانية.
ومضت الأيام، وفي عام ٢٠١٧م حملت الأقدار للجامعة الأستاذ الدكتور محمد حسين المحرصاوي رئيسًا لها، ليفتح الله على يديه مغاليق العقول والقلوب، وتعلو أنوار أبناء الأزهر في سماء العالم، حاصدين جوائز الإبداع والابتكار.
وكلّ ما مضى قليل من كثير، وغيض من فيض؛ فهناك أماكن مباركة بأهلها، وأماكن مباركة بذاتها، وأماكن مباركة بنور ربّها. وإذا كان الناس يقصدون البيت الحرام بوجوههم في اليوم خمسًا، فإن قلوبهم وعقولهم لا تتحوَّل عن الأزهر الشريف طرفة عين.