الأزهر منحة ربانية وحلمي الذي تحقق
mona dsouky
/ أبواب: رأى

الأزهر منحة ربانية وحلمي الذي تحقق

بقلم: فوقية ياسين

     «لو لم أكن أزهرية لتمنّيت أن أكون أزهرية» ليس مجرد شعار يُردد، إنما هو حقيقة وحب صادق تجاه الأزهر الشريف يكبر يوما تلو الآخر.

    منذ الصف الأول الابتدائي بالتعليم العام وأنا أتابع بحرص وإعجاب زملائي بالأزهر الشريف في الصف نفسه، أحببت مدرستي نعم، لكن كانت عينايَ دائمًا تتجه نحو المعهد الأزهري ببلدتنا؛ لأتابع زملائي بحبٍّ، متمنية أن أُصبح يوما مثلهم، وفي كل عام أنجح فيه وأنتقل لصفٍّ آخر كنت أقول لوالدي: «أريد أن أدرس في الأزهر»، فكان- رحمة الله عليه- يبتسم ويصمت، لكنني كنت أعاود وألح في الطلب، حتى وصلت للنصف الثاني من الصف الثاني الإعدادي بمدارس التعليم العام، وحينها أيقن أبي أن إصراري ليس مجرد إعجاب عابر بزملائي في الأزهر، فقدَّم لي في مسابقة أطلقها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف؛ من يجتازها يحقّ له النقل من التعليم العام إلى الأزهر الشريف، وأكرمني الله ونجحت في المسابقة، وانتقلت إلى الأزهر، وهنا بدأت مرحلةٌ جديدةٌ في حياتي، الالتزام بدون أوامر، الحب بدون شروط، كنت أشعر في كل يومٍ أذهب فيه إلى المعهد الأزهري بشبرا الخيمة أنني أحلق في السماء من فرط سعادتي، في مدرستي كنت متفوقةً في اللغة العربية منذ الصف الأول الابتدائي، لكن بعد انتقالي للأزهر كنت أشعر أنني لم أتعلم من قبل؛ لشدة الرهبة، حتى ساق الله لي بعضَ المدرسين المحترفين، الذين ساندوني ودعّموني ووقفوا بجانبي؛ مدرس اللغة العربية قال لي: «سأقول لك جملة لا تغتري بعدها» فقلت له: «تفضل أستاذي، وبإذن الله أعمل بالنصيحة»، فقال لي: «أنتِ متفوقة في اللغة العربية جدًّا، وكنت أريد من وراء إخراجك لإعراب أبيات الشعر التأكد من ذلك، وأريدك دائمًا هكذا، يا فوقية، يقول المدرسون في المعهد: هذه البنت أفضل منَّا، هذه الجملة أريدها أن تكونَ دافعًا لكِ، وتثبتي كلَّ يومٍ صحَّة هذه المقولة»، وبالفعل، هذه الجملة كانت من أكبر الدوافع لي، وأزاحت عني كثيرًا من الهموم، والرهبة الشديدة من الأزهر، هذه الرهبة وتَّرتني كثيرا؛ لشعوري أن الدراسة في الأزهر صعبة جدًّا، وأني لن أقدر على استيعاب العلوم، وبمجرد نجاحي في الصف الثاني الإعدادي زالت كل القيود، وانطلقت لأتعلم دون رهبة؛ فحفظت القرآن الكريم، وتعمّقت في دراسة التجويد والفقه والحديث، وشعرت حينها أنني بحق مميَّزة، واندمجت مع زميلاتي، وانضممت للإذاعة المدرسية؛ لأقرأ النشرة الإخبارية في طابور الصباح، ثم التحقتُ بفريق الخطابة بقيادة الأستاذ عمر الأحمر، الذي كان يقول لأبي ممازحًا له: «ابنتك خطيبَةٌ مفوهةٌ».

    كان أستاذ عمر كان يأتي لفريق الخطابة بخطبة منبرية، ويعلمنا طريقة إلقائها، ويختبرنا في كل أسبوع، لكن تفوّقتُ في الخطابة بسبب تأثري بالعالم الأزهري الشيخ محمد يس يونس، كنت أستمع لبعض شرائطه وأحفظها، ثم أرددها بطريقة والدي المميزة، وقلت لأبي في يوم من الأيام وأنا في الصف الأول الثانوي:  «استمع لي وأنا أخطب»، فقال لي: «متى حفظتي هذه الخطبة وتعلمتي إلقاءها هكذا؟!»، فقلت له: «تعلمت من أستاذ عمر، وحفظتها سرًّا، وألقيتها بطريقتك أنت»، فساعدني كثيرًا، وكان أول دافع لي للنجاح والتفوق، ومرت الأعوام، وتخرجت في كلية الدراسات الإسلامية والعربية، شعبة الشريعة الإسلامية، وإذا سُئلتُ: «من أين تخّرجتي» أقول بكل حبٍّ وفخر: «أنا خريجة جامعة الأزهر»، فوالله، على الرغم من أنّي قابلت صعابًا كثيرةً، إلا أنَّ حبي للأزهر الشريف وفخري به وتقديري له يكبر كلّ يوم، وأردد دائما حتى هذه اللحظة: «لو لم أكن أزهرية لتمنيت أن أكون أزهرية».

    فالشكر لله رب العالمين على نعمة الالتحاق بالأزهر الشريف، داعية الله- عز وجل- أن يحفظ الله أزهرنا، وأن يرفع رايته ويكثر من أحبابه وطلابه

الموضوع السابق أم الجامعات
الموضوع التالي جامعة الأزهر.. قبلة القلوب والعقول
طباعة
256 Rate this article:
لا تقييم

Please login or register to post comments.

x

الرأى

الأزهر ملتقى العالم

الأزهر ملتقى العالم

أ.د/ سلامه داود

  • 12 يناير 2023
  • الكاتب: mona dsouky
  • عدد المشاهدات: 493
  • 0 تعليقات
عالمية الأزهر

عالمية الأزهر

ا.د/ محمد حسين المحرصاوي

  • 26 يونيو 2022
  • الكاتب: maged mahmoud
  • عدد المشاهدات: 245
  • 0 تعليقات
الأزهر الذي لا نعرفه

الأزهر الذي لا نعرفه

  • 27 ديسمبر 2021
  • الكاتب: mona dsouky
  • عدد المشاهدات: 183
  • 0 تعليقات
RSS
123




Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top