12

الرأى

الأزهر الذي لا نعرفه
mona dsouky
/ أبواب: رأى

الأزهر الذي لا نعرفه

بقلم : مروة غانم

     لا يستطيع أحد أن يفي الأزهر حقّه فى مقالة بسيطة تكون من كلمات محدودة, فمكانة الأزهر عظيمةٌ في نفوس الجميع، ورسالته سامية تمتد لآلاف السنين، وعطاؤه غير محدود في شتى مناحي الحياة, وما زال الأزهر والأزهريون يسيرون على النّهج فى تبليغ رسالة الإسلام لشتى بقاع الأرضِ، لا يحيدون عنها يمينًا ولا يسارًا، إنّما منهجم الوسطيةُ والاعتدال بشهادة الجميع، بما في ذلك مَنْ هم على غير دين الإسْلام .

     ولا يقتصر دور الأزهر- جامعًا وجامعة- على التعليم ونشر صحيح الدين والدفاع عن السنة النبوية، ورد كيد العابثين بها، وحفظ اللغة وصون الشريعة وإن كفاه هذا الدور العظيم, وإنّما وجدنا رجاله ملاصقين للناس على مر العصور، يشاركونهم مشاكلهم، ويدافعون عن أوطانهم، ويتقدمون صفوف المجاهدين؛ لدفع كيد من يريد الاستيلاء على بلادهم، ونهب ثرواتها، وطمس هويتها, فموقف علماء الأزهر من الحملة الفرنسية خير دليل على ذلك، فلم يستشعر قائدها نابليون بونابرت الخطر إلا حينما انطلقت ثورة المصريين ضده من الجامع الأزهر، فما كان منه إلا أنْ حاول كسر هذا البنيان الشامخ والقضاء عليه، وضربه بالمدافع، واقتحامه بالخيول لتدنسيه، لكن فشلت محاولاته وظل الأزهر صامدًا إلى أن رحلت الحملة الفرنسية عن مصر وهي تجر أذيال خيْبتها, وكذلك الحال بالنسبة للاحتلال الإنجليزي، الذي حاول قاداته استرضاء علماء الأزهر بكل السبل، لكن هيهات هيهات أن يخون الأزهريون أوطانهم ودينهم مهما كانت الإغراءات، فرسالتُهم أسمى وأرقى من أيّ إغراءات مادية فى هذه الحياة.

     وكم من شاعرٍ تغنّى بالأزهر الشريف ومكانته الرفيعة، وعلى رأسهم أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي نسج قصيدةً تُعدّ من أجمل وأروع ما أُنشد، يحفظها كثيرٌ من الأزهريين عن ظهر قلب، يقول في مطلعها:

قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا... وَاِنثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا

وَاِجعَل مَكانَ الدُرِّ إِن فَصَّلتَهُ... في مَدحِهِ خَرَزَ السَماءِ النَيِّرا

وَاِذكُرهُ بَعدَ المَسجِدَينِ مُعَظِّمًا... لِمَساجِدِ اللَهِ الثَلاثَةِ مُكبرا

      فليتنا نعرف قدر الأزهر وقيمته، ونعلم أبناءنا مكانته ودوره الكبير الذي يؤديه, فمن أكثر ما يصيبني باليأس والإحباط هو النظرة  المتدنية من بعض الناس للتعليم الأزهري، وهذه النظرة لم تأتِ من فراغ، إنَّما بفعل من يريدون القضاء على هذا الصرح العظيم، ولن يتحقق لهم ما يتمنونه، ما دام لدينا رجالٌ مخلصون محبّون لهذا الدين، ومدافعون عنه.

الموضوع السابق جامعة الأزهر.. قبلة القلوب والعقول
الموضوع التالي عالمية الأزهر
طباعة
182 Rate this article:
لا تقييم

Please login or register to post comments.

x




Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top