Search


 

الزاهرة 

أعد الملف: جمال أبوجبل، رامي دويدار، محمد زهيري

 

     اهتدى الشيوخ المصلحون إلى تقسيم الدراسة العالية في الأزهر إلى أنواع من التخصص؛ فأنشئ نظام الكليات في 1930م، فكانت كلية أصول الدين لدراسة التوحيد والمنطق والفلسفة والتفسير والحديث والتاريخ، وكلية اللغة العربية لدراسة قواعد اللغة وآدابها، وكلية الشريعة لدراسة الشريعة والأصول والفقه المقارن، ومنذ ذلك اليوم حلت الكليات محل القسم العالي، وبدأت الدراسة النظامية في جامعة الأزهر بجوار الجامع، وقام الملك فؤاد الأول بافتتاحها في يومي: 28/29 من مارس 1933م.

 

الملك فؤاد يفتتح الجامعة الأزهرية الجديدة

الخولي والجبالي يشرحان الفلسفة والتوحيد

طلاب جاوة وسوريا والحجاز يفاجئون الملك بالخطب في المحاضرات 

ننفرد بنشر أسماء الأساتذة والطلاب في أول يوم افتتاح للجامعة

  

       كشف الدكتور الحسيني حماد، عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ بكلية اللغة العربية بأسيوط، عن مراسم افتتاح كليات جامعة الأزهر، موضحًا أن العلماء والوزراء والنواب استقبلوا الملك فؤاد في مشهد مهيب على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء الثاني والثالث من  ذي الحجة  1351ه الموافق للثامن والتاسع والعشرين من مارس 1933م؛ للاحتفاء بافتتاح كليات الجامعة الأزهرية؛ فسار – رحمه الله– في ساحة كلية أصول الدين في يوم الثلاثاء، وجلس في السرادق المقام؛ ليستمع منصتًا لخطبة فضيلة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، شيخ الجامع الأزهر، الذي امتدح فيها عناية الملك بالأزهر، وذكر فيها طبيعة الدراسة العربية والشرعية في هذه الكليات، وأن هناك مراحل للتطوير سيشملها هذا المكان، وأن الجامع الأزهر لن يقتصر على الصلاة فقط عقب افتتاح هذه الكليات؛ حيث قال: "وتحقيقًا لرغبتكم السامية قررت حكومة جلالتكم إنشاء مبان فخمة بجوار الأزهر للكليات وأقسام التخصص، والتعليم الابتدائي والثانوي، ومساكن للطلبة، ومستشفى لهم، ودار كبيرة للكتب، وقاعة للمحاضرات العامة، ومبان أخرى للإدارة العامة، وإلى أن يتم بناء هذه الأماكن فقد دبرت أماكن مؤقتة للكليات بمساعدة وزارتي المعارف والأوقاف؛ فكانت كلية أصول الدين في هذا المكان، وكانت كلية الشريعة وكلية اللغة العربية في الدار التي كانت تشغلها من قبل مدرسة القضاء الشرعي، وإذا كانت كليات الأزهر سيكون لها دور خاصة بجواره؛ فإن الجامع الأزهر سيكون معمورًا بالدروس، غير مقصور على مجرد الصلاة".

   وأضاف حماد أن الملك تفقد عقب سماعه الكلمة فصول الكلية بصحبة الشيخ الأحمدي، شيخ الأزهر، والشيخ عبد المجيد اللبان، عميد كلية أصول الدين، والتقى بأساتذتها وطلابها؛ فبدأ الزيارة بفصلٍ كانت تدرس فيه مادة علم التوحيد، فحياه مدرس المادة فضيلة الشيخ محمود أبو دقيقة، ثم قام خطيبًا مرحبًا بجلالته محمد عبد الرحمن الفقي، أحد طلاب الكلية، وفي الفصل الثاني كانت تُشرح مادة الفلسفة وصلتها بالدين، وهناك التقى بمدرسها الأستاذ الشيخ أمين الخولي، وفي الفصل الثالث كانت تدرس مادة التفسير لمدرسها الشيخ سيد مصطفى القناوي، وفي الفصل الرابع كانت تدرس مادة التاريخ لمدرسها الشيخ محمد أفندي حبيب، وفي الفصل الخامس كانت تدرس مادة علم النفس لمدرسها الأستاذ محمد مظهر سعيد أفندي، ثم تجول الوفد في زيارة أقسام التخصص؛ فشاهدوا شعبة التفسير، وكان يدرس فيها الشيخ محمد العزبي وقام خطيبًا الطالب الوافد من بلاد جاوة/ محمد فريد، ثم شعبة التوحيد والمنطق التي كان يدرس فيها الشيخ إبراهيم الجبالي، ووقف خطيبًا الطالب السوري/ سليمان الجعبري، ومن بعدها السنة الأولى لشعبة الوعظ وكان يدرس فيها الشيخ علي محفوظ، وقام خطيبًا الطالب/ الحجازي محمد الفاسي، والسنة الثانية وكان مدرسها الأستاذ محمد الغمراوي وفيها خطب الطالب المصري/ دسوقي أباظة، ثم زار الملك والوفد حجرة الأساتذة، فصافح جميع المدرسين، معربًا عن تقديره لهم، ثم تفقد المكتبة ليستريح بعدها في مكتب شيخ الكلية، موقعًا على دفتر الزيارات، وفي اليوم التالي الأربعاء قام الملك باستكمال جولته؛ فافتتح كليتي الشريعة واللغة العربية.

 

أصول الدين ... السنوات الأولى للتأسيس

13 فصلًا .. و25 أستاذًا

"اللبان" يفتتح الفصول قبل ملك البلاد .... مجلس إدارة بين الانتخاب الأزهري والتعيين الملكي.

شيوخ الجامع  ومدرسو وزارة المعارف وعائدون من الجامعات الأوربية يتنافسون في التعليم بالكلية الجديدة.

     أشار الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين السابق، إلى أن الكلية كان يطلق عليها: "مشيخة أصول الدين" إبان نشأتها، وعميدها كان يلقب بـ"شيخ أصول الدين"، ولا تزال مخازن الكلية بها شهادات علمية عالمية لطلاب تلك الفترة مدون فيها ذلك ومعتمدة من ملك البلاد.

      واستكمل العواري لقد أنشئت كلية أصول الدين وفقا للقانون 49 لسنة 1930م، وفي 24 من أبريل من العام التالي 1931م صدر المرسوم الملكي باعتماد مناهجها، وبعدها بنحو شهر ونصف في 12 من يونيو صدر المرسوم باختيار الشيخ عبد المجيد اللبان شيخًا لها،  وفي الشهر التالي له في 18 من يوليو اختار الأزهر 25 مدرسًا للعمل بالكلية، وفي  19 من أغسطس صودق على انتخاب الشيخين؛ أمين الشيخ وعبد العزيز خطاب عضوين لمجلس إدارتها، وفي 27 من الشهر ذاته صدر المرسوم الملكي بتعيين الشيخين؛ عبد السلام البحيري وعبد الرحمن حسن عضوين لمجلس إدارتها، وبعد أن اكتملت أركانها الإدارية اختير مقر مدرسة الخازندارة بشبرا مقرًّا مؤقتًا لها، ثم جاء اليوم المرتقب لبدء الدراسة فيها بالمبنى الجديد؛ فافتتحها الشيخ عبد المجيد اللبان في السبت 21 من جمادى الأولى 1351ه الثالث من أكتوبر 1931م حيث وقف بين الطلاب والمدرسين خطيبًا معلنًا افتتاح كلية أصول الدين، وتقرر أن يدرس في الكلية مناهج التوحيد مع إبراز الحجج ودفع الشبه، خصوصًا الذائع منها في هذا  العصر، والمنطق والمناظرة، والفلسفة مع الرد على ما يكون منافيًا للدين منها، وكذلك دراسة الأخلاق، والتفسير، والحديث، وتاريخ الإسلام، وعلم النفس، واللغة الفرنسية، والإنجليزية، وأُنْشِئَ فيها قِسْمَا تخصصٍ؛ أحدهما تخصص في المهنة بغية إعداد علماء يقومون بمهنة الوعظ والإرشاد أو يدرسون في المعاهد الدينية، والآخر تخصص المادة، وانقسم إلى ثلاث شعب: شعبة التفسير والحديث، وشعبة التوحيد والفلسفة، وشعبة التاريخ؛ بهدف تخريج علماء متفوقين في العلوم الأساسية؛ للنهوض بتدريسها لطلبة الكليات، وكانت مدة الدراسة فيه أربع سنوات يحصل عقبها الطالب على شهادة العالية.

      وأضاف العواري لقد ابتدأت الكلية بثلاثة عشر فصلًا  لطلاب السنة الأولى والثانية، وشعب التخصص القديم ( شعبة التفسير والحديث، وشعبة التوحيد والمنطق، وشعبة الوعظ والإرشاد)  يَدْرِسُ بها 226 طالبًا ويُدَرِّس لهم 25 أستاذًا، ثم افتتحها الملك فؤاد رسميًّا في مارس 1933م، وفي العام ذاته تقدم طلاب أول فرقة للحصول على الشهادة العالية، وفي العام التالي 1934/1935م أنشئت السنة الأولى من تخصص المهنة(إجازة الدعوة والإرشاد) والسنة الأولى من تخصص المادة بالشعب الثلاثة (التفسير والحديث، والتوحيد والفلسفة، والتاريخ الإسلامي) وبلغت أعداد الفصول 21 فصلًا فضاق بهم المكان، فاستؤجرت الدار المقابلة للكلية، واستعمل مسجد الخازندارة للتدريس فيه لبعض الأقسام، وفي العام التالي بدأ قسم الإجازة يخرج الوعاظ والمرشدين، وفي 1939/1940م  تقدم طلاب قسم تخصص المادة للامتحان التمهيدي للحصول على الأستاذية، فنجح منهم في التاريخ: الشيخ علي حمودة، والشيخ زكي غيث، والشيخ بدوي عبد اللطيف، ونجح في قسم التفسير والحديث: الشيخ عبد الوهاب غزلان، ولم ينجح أحد في قسم التوحيد والفلسفة، ثم ألغي التخصص القديم بجميع أقسامه واستكمل النظام الجديد بكل فروعه، ووصل عدد الطلاب في ذلك العام 939 طالبًا منهم 81 في مرحلة تخصص المادة، و150 في تخصص الوعظ، و708 في سنوات الكلية المختلفة، إلى أن وصل عدد طلابها الآن نحو سبعة آلاف طالب.

   وألمح العواري إلى أن التميز كان عنوان الكلية في بداية نشأتها على مستوى الأساتذة والطلاب والموظفين؛ فقد استقينا معلومات نشأة هذه الكلية من أحد موظفيها، والذي استطاع أن يوثق تاريخها في كتاب خاص بها، وكان له نشاط علمي ملحوظ وهو الشيخ محمد حسين النجار، فقد أعطى أنموذجًا مثاليًّا للموظف المثقف الذي تخطى حاجز وظيفته الإدارية لمكانة علمية تخطى بها الكثير من الشيوخ والأساتذة؛ فقد استطاع النجار توثيق تاريخ كليته وأزهره من خلال سلسة التراجم الأزهرية، وألف الكثير من الكتب في فنون متعددة زادت على 22 كتابًا، منها: "علم المنطق ميزان العقول"، و"درس للشباب من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، و"سيدنا عيسى عليه السلام"، و"رسالة الأزهر"، فقد انتسب هذا الشيخ لمعهد أسيوط في 1915م، فنال منه الشهادة الأولية، ثم الثانوية، وعين بعد تخرجه مدرسًا بمدارس أسيوط، ثم بمدارس نجع حمادي الصناعية، وفي 1927م حصل على شهادة العالمية، وفي 1935م عين بمعهد أسيوط، ثم نقل إلى معهد طنطا في 1939م ثم إلى كلية أصول الدين في فبراير 1940م، فعمل موظفًا في القلم الكتابي للكلية، وكانت له آثار في بلاده؛ فأنشأ في أسيوط المدرسة الإسلامية، ومطبعة الجهاد، والمكتبة الإسلامية، وجمعية المحافظة على القرآن الكريم، وترك بصمة في كليتنا بتوثيقه لنشأتها وشيوخها.

        وقال العواري: إن الكلية تولى أمر قيادتها منذ نشأتها حتى الآن 23 شيخًا من علماء الأزهر الأكابر، وقد نهضت الكلية على يد شيوخ كان لهم آثار واضحة في أجيالهم والأجيال اللاحقة لهم؛ إذ قامت على علماء ممن درسوا في الأزهر وآخرين من مدرسي وزارة المعارف، وبعض العائدين من الجامعات الأوروبية الذين تنافسوا على التعليم؛ لتخريج طلاب ينشرون الوعي والفكر الوسطي، وكان من بين هؤلاء الأساتذة في بداية سنواتها العشر؛ الشيخ علي محفوظ، والشيخ عيسى منون، والشيخ عبد العزيز خطاب، والشيخ أمين الشيخ، والشيخ محمد الشربيني، والشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ محمد الشنقيطي، والشيخ محمد علي سلامة، والشيخ حسن المسعودي، والشيخ عبد الحميد عمار، والشيخ حسن حجازي، والشيخ أحمد الشاذلي، والشيخ محمد الشافعي الظواهري، والشيخ مرسي جعيصة، والشيخ حسن أبو عرب، والشيخ إبراهيم خاطر، والشيخ حسن فرغل، والشيخ أحمد أبو سلامة، والشيخ عبد الرحمن الجزيري، والشيخ محمد الأودن، والشيخ أحمد أحمد علي، والشيخ محمد يونس العادلي، والشيخ صادق شعيب، والشيخ سنوسي أحمد، والشيخ محمد عبد الرحيم سلام، والشيخ محمد رضوان، والشيخ بركات أحمد، والشيخ محمد الحسيني الظواهري، والشيخ إبراهيم النجار، والشيخ محمد البسيوني زغلول، والشيخ أحمد صقر، والشيخ الطيب النجار، والشيخ إبراهيم البرمبالي، والشيخ عبد الرحمن عيسى، والشيخ أحمد حسيب الريس، والشيخ عبد الرحمن شاهين، والشيخ إبراهيم الغرباوي، والشيخ يوسف غباشي، والشيخ عبد السلام الزنقلي، والشيخ محمد بدير، والشيخ محمد يوسف موسى، والشيخ عبد الآخر أبو زيد، والشيخ محمود عبد الرحمن العيسوي، والشيخ عبد الحميد شقير، والشيخ إبراهيم المحيص، والشيخ حسن شحاته، والشيخ محمد أحمدين، والشيخ محمد أبو سلامة، والشيخ محمد يوسف الشيخ، والشيخ محمود سعد الغنيمي، والشيخ صالح شرف، والشيخ عبد القادر خليف، والشيخ أبو بكر ذكري، والشيخ إمام حسين، والشيخ محمد علي الشرقبالي، والشيخ حامد زين الدين، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، والشيخ عبد الحميد الشاذلي، كما دَرَّس فيها أساتذة من العائدين من الجامعات الأوروبية، أمثال: الدكتور محمد غلاب، والدكتور محمد عبد الله ماضي، والدكتور محمد البهي قرقر، والشيخ عبد العزيز المراغي، كما دَرَّس فيها أيضًا أساتذة وعلماء فضلاء، أمثال: الشيخ محمود أفندي شاكر، ومصطفى أفندي حبيب، وعبد الحميد أفندي إبراهيم،  وأحمد فؤاد نصار، وعبد الفتاح أفندي السرنجاوي، ومصطفى أفندي يوسف، وإبراهيم أفندي جمال الدين، وصالح أفندي بكير، ومحمد أحمد أبو زهرة، ومتولي بدوي، وأمين الخولي، وسامي عاشور، وإبراهيم مدكور، وإبراهيم اللبان.

 

أول مجلس إدارة لأصول الدين ... انتخاب أزهري وتعيين ملكي  

   قال الدكتور سالم السكري، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة السابق: إن الكلية كان لها مجلس إدارة يدير شئونها إبان نشأتها يوازيه الآن مجلس الكلية، وقد كان تشكيله في ذلك الوقت بالانتخاب من الشيوخ وبالتعيين من الملك شخصيًّا؛ حيث تشكل مجلس إدارة الكلية في بدايتها الأولى من علماء فضلاء كانت لهم بصمات في نهضتها؛ فكان رئيسه الشيخ عبد المجيد اللبان، ووكيله الشيخ حامد أفندي عبد القادر، وعضوية الشيخين: عبد السلام البحيري، رئيس محكمة مصر الشرعية، وعبد الرحمن حسن، مدير المساجد بوزارة الأوقاف (بالتعيين)، والشيخين: أمين الشيخ، وعبدالعزيز خطاب (بالانتخاب)؛ إذ كان القانون يقضي بأن يكون للكلية وكيل يختاره مجلس الأزهر الأعلى كل عامين من أساتذة الكلية، ويكون عضوًا في مجلس إدارتها بحكم وظيفته، أما بقية الأعضاء فأربعة: عضوان يعينان بمرسوم ملكي، وعضوان ينتخبان من أساتذة الكلية كل عامين، وكانت مهمة المجلس تولي إدارة الحركة العلمية للتعليم، وامتحانات النقل، وتوزيع الدروس، وترشيح المدرسين، وتقرير مكافآت الطلاب، وتحضير الميزانية، واللائحة، واقتراح خطط الدراسة ومناهجها، وتحديد موعد الامتحانات وأعداد الطلبة، وأضاف السكري أن الكلية تضم الآن في مجلسها أكثر من 20 أستاذًا.

 

     الجامعة الأزهرية الجديدة  ملتقى ثقافات العالم

55 دولة تتسابق في الدراسة بكلية أصول الدين

طالب الكلية ... في المحاضرة شيخٌ خاشغٌ، وفي الميدان جنديٌّ ساطعٌ

      صرح الدكتور عبد الله عزب، عميد كلية أصول الدين لشئون التعليم والطلاب، أن الكلية كانت ولا تزال قبلة العلم لبلاد العالم، فقد احتضنت منذ نشأتها طلاباً من مختلف دول العالم، وعلى الرغم من صعوبة المواصلات في تلك الفترة في الثلاثينيات والأربعينيات واضطرابات الحروب والنزاعات السياسية إلا أن مصر الأزهر كانت موطنَ سلامٍ لكل القارات، فقد نهل من علوم الأزهر في تلك الفترة طلاب من شتى القارات؛ حيث درس في قسم تخصص المادة مدحت خضر فتفت من لبنان، وسالم أحمد الرشيدي من جاوة، وعبد السلام الطود من المغرب، وحسن سلام توجي من ألـــبـــانـيـا، في حــيــــن درس في قسم إجـازة الــــدعوة والإرشــــاد أبو الحسنات محمد محي الدين من الهند، وأبو بكر هوغانجين من الصين، وإسماعيل محمد بندا من جاوة، وحسين بكر علي، وعثمان مصطفى عثمان من يوغوسلافيا، والفضل الورتلاني من المغرب، في حين درس في سنوات الكلية 55 طالبًا من لبنان، والمغرب، وألبانيا، وجاوة، والهند، والصين، ويوغوسلافيا، وداغستان، وتركستان، وفلسطين، وسوريا، والسودان، وجنوب إفريقيا، والحبشة، واليمن، ورومانيا، والأردن، منهم: محبوب الرحمن فضل الرحمن الهندي، ومحمد طاهر عبد المعين الجاوي، وعبد الجليل حسن محمد الجاوي، وإسماعيل عمر عبد العزيز الجاوي، وأديب عبد المنان خليل الروماني، وحسني فوجا الألباني، وكريم بيرم حاجي الألباني، وعبد الرحمن حمزة حوتيج اليوغوسلافي، ومحمد أحمد ناصر الوشلي اليمني، ومحمد ناصر العمادي اللبناني، وفواز الصالح اليوسفي السوري، ورشدي المناور السلطان الأردني، ومحمد أمين داود الجنوب أفريقي، وعمر محمد علي الحبشي، والصديق طه الفضل السوداني، ومحمد محمد الزرهوني المغربي، وحجازي أيوب الجعبة الفلسطيني، والآن يدرس في رحابها ما يزيد على ألفِ وافدٍ من قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.

       وأضاف عزب أن الطالب الأزهري كان نشيطًا؛ فاجتهد طلاب الكلية المصريين في تعلم الشريعة الإسلامية والتدرب على إجادة التربية البدنية والتدريبات العسكرية؛ حيث أسهمت كلية أصول الدين في إعداد كتائب الضباط والجنود؛ للذود عن الوطن، ونشطت فيها روح التدريب العسكري، فبلغ عدد المشتركين في تلك التدريبات  310 من أشبال الكلية، منهم 37 من الضباط الاحتياط يتلقون محاضرات في التكتيك الحربي وهندسة الميدان، وقراءة الخرائط، واستعمال الأسلحة الحربية كالبندقة ومدفع برن، وقد خلعوا عمائمهم وقفاطينهم، فصاروا في التدريب جنودًا يسايرون العسكريين في حركاتهم ومشيتهم، وكان يقوم على تدريبهم جنديان من أنشط جنود الجيش المصري، هما: عيسى أفندي صدقي محمد، ورمضان أفندي على القصاص بإشراف كوكبة من ضباط الجيش المصري، وكان كثير من الطلاب يغفلون عن أهمية دروس التدريب العسكري في حين يسارع البعض منهم؛ إيماناً بأن الطالب الأزهري يجب أن يكون عالمًا خطيبًا كاتبًا، وجنديًّا قويًّا محاربًا، يجعل في إحدى يديه مصحفه وفي الأخرى سلاحه؛ فيكون وقت السَّلام شيخًا عابدًا متبتلًا خاشعًا، وساعة الحرب جنديًّا ساطعًا وبطلًا مدافعًا عن بلاده، وكان شيخ الكلية الشيخ عبد المجيد اللبان، يحرص على متابعة هذا التدريب، ويقف بين طلابه مشجعًا لهم، وكان من بين الضباط الاحتياط من أبناء الكلية: محمد السيد حبشي، ومحمد حسنين علام، ومحمد علي سليمان، ومحمد فوزي بركات، ومحمد عبد المجيد عامر، ومحمد رشاد طرطور، ومحمد حسن النحال، وحسن فهمي سعداوي، وإبراهيم حسن طايل، والمرسي أحمد رضا، وعبد المولي محمد درويش، والسيد عثمان عبد الحكيم، وإبراهيم علي الملاح، ومحمد الحفني الفقي، ومحمد الششتاوي نصر، ومحمد رشاد على حسنين، ومحمد عبد الفتاح أبو الهوى، ومحمود أحمد السلموني، وعبد العليم علي حيدرة، وعبد الحميد حسن محمد.

 

    المقر القديم لأصول الدين ... شيدته خديجة الخازندار وأوقفته للعلم وقراءة القرآن

      شيدت خديجة هانم ابنة محمد راغب أغا المعروف بالخازندار تحفةً معماريةً بشبرا؛ تكونت من مسجدٍ ومدرسةٍ وسبيلٍ وبيمارستان، وكان يطلق على هذه السيدة ألقاب كثيرة، منها: "عصمتلو" أي: صاحبة العصمة، و"تاج المستورات ذات الحجاب الرفيع، والحصن الشامخ المنيع"، وقد ورثت من والدتها السيدة فاطمة هانم البيضا ثروة كبيرة؛ فاتجهت بنظرها إلى ناحية شبرا، وأخذت فى شراء مساحات كبيرة من الأراضي؛ للإقامة بها والاستقرار فيها؛ فاشترت بعض الأراضي من السيدة فاطمة النبوية زوجة صالح الخشاب، وبعضها الآخر من الخواجة دوشانوا، والخواجة إبراهيم عبد الملاك السروجي؛ فشيدت على الجميع سرايتها، ومجموعتها المعمارية(مسجد، ومدرسة، وسبيل، وبيمارستان)  التي من بينها مدرسة الخازندارة، وقد أوقفتها في 1333هـ 1912م لدراسة العلم والقرآن، وحددتْ في وقفيتها على المسجد التي  حملت رقم 4286 في محكمة مصر الشرعية بتاريخ 22 من شعبان 1333ه 5 من أغسطس1912م بأن يكون معداً لإقامة الصلوات المفروضة والسنن وإقامة الشعائر الإسلامية أسوة بأمثاله من المساجد، وأن يكون له خطيب ومدرس للعلوم الدينية، يصرف له ستة وثلاثون جنيهًا، وأن يصرف ثمانية وأربعون جنيهًا لمن يكون إمامًا بالمسجد للصلوات الخمس، ويدرس يوميًّا درس علم ديني بعد صلاة الصبح، ويكون تدريس الخطيب المذكور يوميًّا بعد صلاة العصر وبعد صلاة المغرب، كما يصرف سبعة وخمسون جنيهًا وستمائة مليم لأربعة فراشين وخدمة للمسجد والسبيل، وثمانية وعشرون جنيهًا وثمانمائة مليم تصرف لِمُؤَذِّنَيْنِ بالمسجد بالتناوب فيما بينهما؛ للآذان وقرائتهما سورة الكهف يوم الجمعة قبل صلاتها، وقراءة عشرًا أو ما تيسر من القرآن قبل الصلوات، ومائة وتسعة وسبعون جنيهًا وستمائة مليم تصرف فى جميع لوازم الجامع والسبيل؛ من فرشٍ ومياه وتنويرٍ وخلاف ذلك، كما نص وقف المدرسة وفقاً لحجتها التي حملت رقم 3077 بتاريخ 6 جمادى الآخرة 1335ه 29 من مارس 1917م بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية على تحديد مبلغ معلوم يقدر بنحو أربعمائة وخمسين فيما يلزم لها من مرتبات معلمين وخدم وغيرهم، ومبلغ مائة وعشرين جنيهًا تصرف للشيخ محمود الشريف،  شيخ المدرسة، أو الناظر سنويًّا ما دام فى الخدمة، فإن مات أو انفصل عن وظيفته يصرف هذا المبلغ لمن يعين بدله، ثم اختيرت هذه المدرسة؛ لتكون مقرًّا لكلية أصول الدين، وعندما افتتحها الملك فؤاد في 28 مارس 1933م أبدى إعجابه ببنائها فأخبره الشيخ عبد المجيد اللبان شيخ كلية أصول الدين أن منشئة هذا البناء السيدة خديجة الخازندارة، كان والدها ووالدتها من معاتيق الأسرة العلوية؛ حيث أعتق عباس باشا الأول والدها محمد راغب الخازندار ووالدتها فاطمة هانم؛ لتكون المدرسة من بعض آثار تلك الأسرة المباركة فأعجب الملك بهذه المعلومة.

 

اللبان ... أول شيخ لكلية أصول الدين

   الشيخ عبد المجيد إبراهيم اللبان عالم جليل، أدرك منذ صغره قيمة خريج الأزهر؛ فأحب التعلم فيه، فأرسله والده إلى أروقته، فنهل من شيوخه الأجلاء: سليم البشري، ومحمد عبده، وأحمد الرفاعي الفيومي، والشيخ محمد البحيري الديروطي، وقد شهد له أساتذته بالنبوغ، فجد واجتهد حتى حصل على شهادة العالمية أوائل سنة 1318ﻫ، ثم تصدر للتدريس بالجامع الأزهر، وعند تأسيس معهد الإسكندرية الديني عام 1324هـ كان ضمن العلماء الذين كلفوا بالتدريس فيه، ثم نقل إلى الأزهر في أكتوبر 1921م للتدريس في القسم العالي، واختير مفتشًا عامًّا للأزهر والمعاهد الدينية في 1923م، كما انتخب عضوًا بمجلس النواب عن دائرة أبي مندور إلى أن  صدر المرسوم الملكي في 12 من يونيه 1931م بتعيينه شيخًا لكلية أصول الدين، وكان للشيخ مواقف وطنية راسخة؛ فكان من قيادات ثورة 1919م في الإسكندرية، واعتقل في يوم 9/3/1919م؛ وهو اليوم الذي اعتقل فيه الزعيم سعد زغلول، وعندما اشتدت الثورة رأت السلطة أن تفرج عن سعد زغلول وزملائه، وسارت بهم الباخرة نحو الإسكندرية، وكان الشيخ قد خرج من معتقله قبل مجيء سعد زغلول بأسابيع، فقرأ في الصحف الاستعمارية أن الثوار لا يمثلون الأقباط؛ لأن هؤلاء يرغبون في بقاء الإنجليز؛ فأسرع الشيخ إلى عقد اجتماع بالإسكندرية يضمُّ أعيان الطائفتين، وأشار بصنع عَلَمٍ يُسمَّى: (علم الاتحاد)، تظهر فيه صُوَرُ الكبار من أعيان المسلمين والأقباط متعانقين، ووُزعت صُوَر من العلم في شتى أنحاء البلاد، فأفسَدت ما زعمتْه الصحف الاستعمارية، وحين رستْ باخرة الزعيم سعد زغلول في ميناء الإسكندرية كان الشيخ اللبان في طليعة مُستَقبليه مع أعضاء الاتحاد المصري المكون من الطائفتين؛ فتقدم أحدُ كبار الأقباط مصافحًا الزعيم الجليل، ومهديًا إليه علم الاتحاد في احتفال كبير أقيم لهذا الغرض، فوقف سعد زغلول محيِّيًا أصحاب الفكرة، ومقبِّلًا العلَمَ، وقد توفي الشيخ اللبان في 1942م، ودفن بمقابر الإمام الشافعي.

 

اللغة العربية .. أم الكليات

       أكد الدكتور عبده إبراهيم، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة السابق، أن الكلية نشأ في رحابها عددٌ من كليات الجامعة؛ فخرج من رحمها أول معهد للقراءات، وأول معهد للغات والترجمة، وكلية الإعلام؛ حيث أنشىء أول معهد للقراءات عام 1944م قسمًا ملحقًا بالكلية، وظل تابعًا لها حتى عام 1963 م, إلى أن رؤي أن تكون تبعيته للإدارة العامة للمعاهد الأزهرية، كما أنشئ في  أعقاب القانون 103 لسنة 1961م معهد اللغات والترجمة كأحد أقسام الكلية بمقتضى القرار الوزاري رقم 122 لسنة 1965م، وبدأت الدراسة فيه في  1965/1966م بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها فقط، وفى العام التالي أضيفت أقسام اللغات الألمانية والإفريقية والفرنسية والأسبانية، ثم استقل المعهد في مارس من 1973م، وتحول إلى كلية اللغات والترجمة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 296 لسنة 1976م الخاص بتعديل تسمية المعاهد التابعة لجامعة الأزهر الشريف وتحويلها لكليات جامعية أزهرية، كما أنشئ في رحابها قسم الصحافة والنشر في 1975م واستمر فيها بأقسامه الثلاثة: الصحافة والنشر، والعلاقات العامة، والإذاعة والتليفزيون، حتى استقلت كلية منفصلة في 2011م.

      وأضاف إبراهيم أن الكلية شهدت ميلاد ورعاية نحو أربعة  آلاف رسالة علمية بين تخصص(ماجستير) وعالمية (دكتواره)، ومرت منذ نشأتها إلى الآن بأطوار متعددة حين كانت شعبتين: (شعبة العلوم اللغوية - شعبة العلوم الفلسفية) ثم تطورت إلى عدة أقسام بعد ذلك: الشعبة العامة، وتضم أقسام: (اللغويات - الأدب والنقد- البلاغة والنقد-أصول اللغة)، وقسم التاريخ والحضارة، ويضم تخصصات: (التاريخ الإسلامي- التاريخ الحديث- التاريخ القديم - الحضارة) وتضم الكلية في قاعاتها جنسيات متعددة من الطلاب الوافدين من أكثر من خمسين دولة على مستوى مرحلة الإجازة العالية، ومرحلة الدراسات العليا، وقد تخرج فيها أفذاذ العلماء، من شيوخ الأزهر ورؤساء الجامعة، فضلًا عن عديد من الوزراء، الدعاة.

أول شيخ لكلية اللغة العربية

       الشيخ إبراهيم حمروش حفظ القرآن في سن صغير؛ فأرسله والده للأزهر، فتعلم على يد كبار العلماء، أمثال: الشيخ أحمد أبي خطورة، ومحمد بخيت، ومحمد عبده، وعلي الصالحي المالكي، وكانت له موهبة في العلوم الرياضية جعلته يُقبلُ عليها بالدرس والتحصيل، فلمَّا أعلن رياض باشا عن مكافآت مالية لمن يفوز في امتحانات الرياضيات فاز الشيخ في هذه الامتحانات أكثر من مرة، وكان متميزًا فاق أقرانه فتقدم في  1324هـ / 1906م لامتحان الشهادة العَالِمية، وكان صغير السن بالنسبة لأقرانه، وكانت مادة أصول الفقه في هذا الامتحان مقصورة على مقدمة (جمع الجوامع) فكان الطلبة يقنعون بدراسة هذه المقدمة، ويتعمقون في دراسة مسائلها دون بقية الكتاب، ولكن شيخ الأزهر وقتها الإمام الشربيني باغت الطلبة بالمناقشة في مسائل الكتاب كله، واختار مسألة القياس لتكون محور المناقشة، فأحجم الطلبة، وتخلف معظمهم عن الامتحان، فسمح لمن يلونهم أن يتقدموا للامتحان، فتقدم الشيخ حمروش، وتعرض لامتحان دقيق عسير، ظل مضرب المثل مدة طويلة، وفاز فيه بالدرجة الأولى عن جدارة واستحقاق، وكان المألوف أن يؤدي الطالب الامتحان في أربعة عشر علمًا، وأن يقضي سحابة نهاره في الامتحان، ولكن الشيخ لم يتجاوز في أداء الامتحان أكثر من ثلاث ساعات، وقد بدأ حياته مدرسًا بالأزهر في 21 من نوفمبر 1906م، ثم اختير أستاذًا بمدرسة القضاء الشرعي في 26 من سبتمبر 1908م، ثم عين قاضيًا شرعيًّا، ثم أعيد للأزهر شيخًا لمعهد أسيوط الديني في 12 من أكتوبر سنة 1928م، ثم شيخًا لمعهد الزقازيق في 25 من ديسمبر سنة 1929م، ثم مُفَتِّشًا بالإدارة العامة للأزهر في أول ديسمبر سنة 1929م، إلى أن صدر المرسوم الملكي في 12 من يونيه سنة 1931م بتعيينه شيخًا لكلية اللغة العربية، وفي 28 من صفر 1353هـ/ 11 من يونيه 1934م نال عضوية كبار العلماء، ثم منح كسوة التشريفة من الدرجة الأولى في 26 من مارس سنة 1936م، ثم عين شيخًا لكلية الشريعة في 24 من أكتوبر 1944م، وفي الثلاثين من ذي القعدة سنة 1370هـ / 1 من سبتمبر سنة 1951م، صدر قرار رسمي بتعيينه شيخًا للأزهر، وقد توفي -رحمه الله- في 1380هـ / 1960م) عن عمر ناهز الثمانين عامًا.

 

الشريعة والقانون ... كلية القادة

       صرح الدكتور حامد أبو طالب العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون أن الكلية تخرج فيها الرؤساء والوزراء، وعملت منذ نشأتها في الثلاثينيات على تخريج علماء ينهضون بمسئولية وظائف القضاء الشرعي، وتطورت فأضيف لها أقسام القانون، وشعب اللغات الأجنبية؛ ليسند لها القيام بمهمة الحفاظ على أحكام الشريعة الغراء مع دراسة وافية للقوانين الوضعية المختلفة والشرائع السماوية السابقة؛ حيث تتكون أقسامها من  قسم أصول الفقه،  وقسم الفقه المقارن، وقسم الفقه، وقسم القانون العام، وقسم القانون الخاص، وشعبة اللغة الإنجليزية، وكانت الدراسة بها أربع سنوات للشعب الإسلامية وخمسة للقانون، إلى أن  أصدر المجلس الأعلى للأزهر في أوائل 2017م قرارًا بتخفيض سنوات الدراسة لتكون أربع سنوات في الشعبتين.

      واستكمل أبوطالب أن خريج قسم(القانون) يتساوى مع زملائه من خريجي كليات الحقوق في جميع الحقوق والواجبات؛ لدراسته منهج كليات الحقوق، إضافة إلى المواد الشرعية طبقًا للقانون رقم 50 لسنة 1966م، أما شعبة اللغة الإنجليزية  فتتميز عن كليات الحقوق بجمعها لدراسة الشريعة والقانون واللغات الأجنبية؛ ولهذا فلا يلتحق بها إلا الطلاب المتميزون من الحاصلين على مجموع مرتفع في اللغة الإنجليزية بالشهادة الثانوية، وقد تخرج فيها عدد لا بأس به عُين في السلك القضائي بالنيابات والمحاكم ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة، والبنوك الأجنبية، ووزارة الخارجية، ومنهم الآن من حصل على درجة الدكتوراه من كبرى الجامعات في بريطانيا، مشيرًا إلى أن هذه الشعبة تحظى برعاية خاصة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ويسعى فضيلته منذ تأسيسها في 2005م على تميز أبنائها بالبدء في دراسة اللغات من الفرقة الأولى بالمراكز الأجنبية المعتمدة من خلال التعاون مع المعهد البريطاني في تأهيل هؤلاء الطلاب، ثم إتاحة المنح لهم عقب التخرج، ويعتاد الطالب في هذه الشعبة الاعتماد على ذاته؛ نظرًا لتفوقه العلمي، فإذا لم تتح له فرصة المنحة بحث بنفسه عنها واجتاز اختباراتها، حتى يصل لما يريده في استكمال مسيرته العلمية بكبرى الجامعات الأجنبية.

 

أول شيخ لكلية الشريعة

       الشيخ محمد مأمون الشناوي نشأ في عائلة أزهرية، فحفظ القرآن في سن صغير، ثم عاش في رعاية أخيه الأكبر الشيخ سيد الشناوي الذي سبقه إلى الدراسة في الأزهر بسنوات، وقد ضاق بدراسة المتون والشروح والحواشي والتقريرات، وكاد ينقطع عن الدراسة ويترك التعليم لولا تشجيع والده وأخيه فقد ساعداه في فهم ما استعصى عليه من دروس، فعاد إلى الأزهر وواصل الدراسة بجد واجتهاد ومثابرة حتى أصبح موضع إعجاب شيوخه؛ فتلقى العلم من الشيخ محمد عبده، وكان من أبرز تلاميذ الشيخ الإمام أبي الفضل الجيزاوي، ونال شهادة العالمية في 1906م، ثم عين في معهد الإسكندرية عقب تخرجه، واختير بعدها قاضيًا شرعيًّا، ثم اختير إمَامًا للسراي الملكية، إلى أن صدر المرسوم الملكي في 12من يونيه بتعيينه شيخًا لكلية الشريعة، وفي سنة 1944م عُيِّنَ وكيلاً للأزهر، وتولَّى منصب رئاسة لجنة الفتوى بالأزهر، وفي الثاني من ربيع الأول سنة 1367هـ الموافق 13 من يناير سنة 1948م عين فضيلته شيخًا للأزهر؛ فحرص على زيادة وتنشيط التعليم الأزهري، فعمل على نشر المعاهد الأزهرية في كل أنحاء مصر؛ فأنشئ في عهده خمسة معاهد كبيرة، هي: معاهد المنصورة، والمنيا، ومنوف، وسمنود، وجرجا، وكلها معاهد نظامية، ومن أهم مآثر الشيخ ما فعله لإلغاء البغاء في مصر، وظل -رحمه الله- يواصل عمله من أجل إعلاء شأن الأزهر؛ فجدد المباني، ونظم العلوم، ثم توفي صباح يوم الأحد 21 من ذي القعدة 1369هـ الموافق 3 من سبتمبر 1950م

 

 




Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top