.
البيان الختامي لمؤتمر القدس بمختلف اللغات
Arabic
French
German
Indonesian
Persian
Italian
Spanish
Turkish
English
ابعاد المشروع الاستيطاني العنصري في القدس
وهو الذي حوّل اليهوديةَ إلى عنصريةٍ صِرْفَة، لا عَلاقة لها بذلك الدين السماوي الذي أنزله الله على موسى -عليه السلام-، فتعريف (اليهودي) في دائرة معارف كِيانها الاستيطاني: هو المولود من أُمٍّ يهودية؛ أي: أن هذا العامل "البيولوجي" وليس التدين بالدين هو الذي يُحدِّد يهودية اليهودي، فالمولود من أُمٍّ يهودية ـ حتى ولو كان ابنَ زنى أو ملحدًا ـ يصبح يهوديًّا، ومِن شعبِ الله المختار، وصاحب الحق في الاستيطان والاغتصاب للقدس وفلسطين!
الجامع بين الدين والاستعمار، ها هو يوظّف (المسيحية – الصهيونية) في خدمة (تَدْيين) الاغتصاب الصهيوني الغربي للقدس وفلسطين، فالكونجرس الأمريكي عندما يقرر في سنة 1995 نقْل السفارة الأمريكية إلى القدس، وبناءها على أرض الأوقاف الخيرية الإسلامية، يقول في مقدمة قراره هذا: "إن القدس هي الوطن الروحي لليهودية"، مع أن هذه القدس لم يَرَها نبي اليهودية موسى ـ عليه السلام ـ ولم تنزل فيها توراة اليهودية، وإذا كان داود وسليمان ـ عليهما السلام- قد عاشا فيها برهة من تاريخها الطويل، فهما بنظر اليهود ملوكٌ وليسَا رسلًا ولا أنبياءَ، فلمَ ومتى كانت القدس الوطن الروحي لليهودية؟! إن الإمبريالية تحوِّل الأساطير إلى دين تدعم به الاغتصاب!.
فبونابرت (1769 ـ 1821م) هو أول من دعا إلى توظيف هذه الأساطير الدينية في خدمة مشروعه الاستعماري، وسايكس "السياسي الاستعماري الإنجليزي" الذي عَقَد مع بيكو الفرنسي معاهدة (سايكس – بيكو) سنة ١٩١٦م؛ لتمزيق الدولة العثمانية، وتوزيع أجزائها العربية بين القُوى الاستعمارية، قد أقاموا له تمثالًا في قريته سلدمير بمقاطعة يورك شاير، مكتوبًا عليه: "ابتهجي يا قدس"، فالقدس هي هدف الاستعمار الغربي العَلماني، كما هي هدف اللاهوت النصراني الغربي. وعندما دخل الجنرال الإنجليزي" اللنبي" القدس سنة ١٩١٧م، تَقَمّص صورةَ بابواتِ الحروب الصليبية، فقال: "اليوم انتهت الحروب الصليبية"! ويومها نشرت مجلة (بنش) الإنجليزية رسمًا يُمثِّل "ريتشارد قلب الأسد" ـ الملك الصليبي ـ وهو يقول: "الآن تحقق حلمي"!. أما الجنرال الفرنسي (جورو) الذي يرفع راية العَلمانية الفرنسية المتطرفة، فهو الذي يذهب عند دخوله دمشق سنة 1920م إلى قبر صلاح الدين الأيوبي؛ ليَرْكُلَه بقدمه، ويقول: "ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين"! فالبُعْد العَلماني الغربي يُحالِف ويعانق ويساند ويوظِّف البُعْد اللاهوتي الغربي، في الصراع على القدس وفلسطين.
في لاهوت النصرانية الغربية بدأ بروتستانتيًّا، ثم مارَس الابتزاز والتأثير على الكنيسة الكاثوليكية الغربية، حتى جعلَها تَشْرَع في تهويد نصرانيتها بدلًا من تحقيق الاعتراف اليهودي بالنصرانية، فهي الآن تسعى لتجعل "يَهْوَه" إلهَها! وتتحدث عن دمج المسيح في إسرائيل، وتُعَدِّل ليس فقط في الفكر المسيحي، وإنما في الأناجيل والصلوات؛ لتصل إلى طلب (الغفران) من اليهود، بعد أن عاشت قرونًا تبيع صكوك الغفران!
مقدمة هذا المشروع الاستيطاني العنصري، القائم الآن في القدس وفلسطين، قد تبلور أول ما تبلور في (اللاهوت البروتستانتي الغربي)؛ انطلاقًا من الفكر الأسطوري حول (رؤيا يوحنا)، وعودة المسيح ـ عليه السلام ـ ليحكم الأرض ألف سنة سعيدة، بعد معركة هرمجدون، والذي جعل من جمع اليهود وحشدهم في فلسطين وتهويد القدس، وإقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى هدفًا؛ أي: جعَل من تحقيق العلو الصهيوني دينًا يتدين به البروتستانت في الغرب، ثم حدث تبشير بهذا المشروع البروتستانتي بين الجماعات اليهودية، فتلقفته الصهيونية كحركة قومية عنصرية، والإمبريالية الغربية إبّان زحفها على الشرق الإسلامي، وبحثها عن أقليات توظِّفها كمواطئ أقدام في المشروع الاستعماري. هكذا، نواجه في القدس وفلسطين استعمارًا استيطانيًّا إمبرياليًّا عنصريًّا، يوظِّف الأساطير والأوهام والأكاذيب؛ ليجعلها دينًا يدعم المشروع الاستعماري، و"رُوحانية" تغلِّف الاستيطان العنصري. واجتمعت لهذا المشروع الاستيطاني الاستعماري العنصري عناصر متعددة ومُرَكَّبة