نبذة عن قسم اللغة العبرية وأهم أهدافه:

     تم إنشاء قسم اللغة العبرية بكلية اللغات والترجمة في العام الجامعي 6819/1969م، وكان الهدف الرئيسي من ذلك ليسهل الاطلاع على ثقافة العدو الإسرائيلي، ومواجهة فكره وثقافته بفكرنا وثقافتنا، ولن يتأتى ذلك بغير دراسة لغته، وتاريخه، وعقيدته، وأدبه، وكل ما يخصه. وأيضاً وهذا هو الأهم مواجهة حملات التشويه والتشكيك والافتراءات الموجهة إلى ديننا الإسلامي ومقدساتنا وثقافتنا وأخلاقنا، وكل ما يتعلق بأمتنا العربية بوجه عام.

    وكانت الظروف في تلك الآونة دافعا للبدء في هذه الدراسات، حيث كان الوطن يتعرض للاعتداء من جانب إسرائيل، وحسناً فعل القائمون على الجامعة بإنشاء هذا القسم المهم، لفهم شخصية الآخر.

    كما أن هناك جانباً آخر لا يقل أهمية عن سابقه، ألا وهو كون اللغة العبرية إحدى لغات الأسرة اللغوية التي تسمى بـ"اللغات السامية"، وهي العربية، والآرامية، والسريانية، والاكدية، والحبشية.

    والعبرية في الأصل هي إحدى لهجات كنعان (فلسطين قديماً)، ولذا فهي ذات أهمية خاصة لدارسي اللغة العربية لمعرفة الخصائص اللغوية المشتركة التي تجمع أعضاء هذه الأسرة، كما تعين في بعض المسائل اللغوية التي تستشكل على دارس اللغة الواحدة من دون غيرها من بقية لغات المجموعة.

    أما أهم المدونات التي كتبت باللغة العبرية؛ فهي كتاب "العهد القديم"؛ المصدر الأول للعقيدة اليهودية وتشريعاتها، والمشنا؛ وهي المصدر الثاني للتشريع، وتعتمد متونها على كتاب "العهد القديم"، والجمارا؛ وهي وهي شروح وتفسيرات على المشنا (جمعت المشنا والجمارا في كتاب واحد من عدة أجزاء وهو ما يعرف بالتلمود، أي: التعاليم والشريعة). هذا بالإضافة إلى مدونات أخرى تحتوي جهود العللماء حول شروح وتفسيرات واستنباطات من الكتب الرئيسية التي ذكرناها عبر العصور، وخاصة العصر الوسيط الذي تميز بانتاج غزير بفضل سماحة الحكم الإسلامي في الأندلس.

    وفي العصر الحديث نجحت إسرائيل –إلى حد كبير- في بعث الروح إلى اللغة العبرية، فجعلتها اللغة الرسمية للدولة وهي لغة الخطاب الرسمي في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" والإذاعة، والتلفاز، والصحافة، وجميع المطبوعات. 

    والعبرية لغة سهلة لدارس اللغة العربية؛ نظراً لاحتوائها على عدد كبير من الألفاظ التي تتطابق في اللفظ والمعنى مع نظائرها في اللغة العربية، بل في اللغات السامية جميعها. كما أنها تسير على نفس نظام بناء الجملة في العربية تقريباً، وتتشابه مع العربية في أوزان الفعل، وتصريفاته، وأزمنته، وقواعد أحكام العدد، وتبعية الصفة للموصوف، وعدد غير قليل من الضمائر، وأسماء الإشارة، والزمان، والاستفهام، وغير ذلك.

    ويتضمن المنهج الذي يدرسه الطالب في القسم – خلال سنوات دراسته الأربع- مواد في مجالات عدة: لغوية، عقدية، أدبية، وتاريخية، وهي مواد تؤهل الخريج للعمل في:

أ- وزارة السياحة             ب- وزارة الإعلام               جـ- مكاتب الترجمة

د- الإذاعة والتلفزيون       هـ- التربية والتعليم       و- وزارة الدفاع     ي- وزارة الخارجية

    لقد أثبت خريجو قسم اللغة العبرية بالكلية مكانة بين سائر الخريجين من كليات الآداب في مختلف الجامعات المصرية، بل إنهم قد تفوقوا علىيهم بما يمتاز به القسم من إلمام بالعلوم الدينية الشرعية والثقافة الإسلامية، التي تميز خريج الأزهر، خاصة وأنه يدرس في القسم قسطاً معقولاً من حقبة التعايش بين الثقافات الدينية الثلاث: الإسلامية، والمسيحية، واليهودية في الأندلس تلك التي كانت وما زالت توصف بالعصر الذهبي في التاريخ اليهودي، بفضل ماحة الإسلام في تعامله مع أصحاب الديانت الأخرى.

    ولا شك في أن مثل هذا الخريج يحمل على عاتقه ضرورة تمثيل الإسلام الحقيقي، بما يععو إليه من التعارف بين أصحاب الدياانات المختلفة، والتواصل فيما بينهم، والتقريب، وإزالة أو تصحيح سوء الفهم عن الإسلام، الذي طفا على السطح

في الآونة الأخيرة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبرسنة 2001م، والدفاع عن القضايا الإسلامية التي تثار بين الحين والآخر في أرجاء المعمورة.

وإنه لشرف عظيم للأزهر أن يهتم باللغت المختلفة، ومن بينها اللغة العبرية، وهو بذلك لم يذهب بعيداً عن الطريق التي رسمها الله سبحانه وتعالى، في هذا الشأن، حيث قال تعالى في محكم آياته: " ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" (سورة الروم/ الآية 22).

    ونحسب أن تعلم لغة الخصم داخل في قوله تعالى: " وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون" (سورة الأنفال/ الآية 60).

    كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر "زيد بن ثابت" أن يتعلم اللغة العبرية ليرد على مكاتبة اليهود بها. ولنا فيه الأسوة الحسنة. هذا وقد تخرج من القسم عدد غير قليل من الطلبة النابهين، الذين قدر لهم أن يحتلوا مكانة مرموقة في عدد من الجهات الحكومية والوزارات المختلفة.

    كما قام القسم بترجمة عدد من الكتب والدراسات المهمة التي تخدم المجتمع المصري، وتخدم الإسلام، ومنها كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم – لمؤلفه شمعون برينفلد. وإلى جانب ذلك كله فإن القسم قد أوفد عدداص من أعضاء هيئة التدريس للعمل في الجامعات العربية والأوربية، والاستفادة من خبراتهم.

والله الموفق لما فيه خيري الدنيا والأخرة.

رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها

ا.م.د. خالد  السيد  عبد اللطيف

القاهرة في 15/10/2017م