بحث مقدم لدرجة الاستاذية موافقة الأمة الإسلامية ومخالفتها للأمم السابقة في ضوء السنة النبوية . ( الاحتفال بالمولد النبوي وتهنئة غير المسلمين )

أ.م/ عماد السيد محمد الشربيني

  • 07 أغسطس, 2018
بحث مقدم لدرجة الاستاذية  موافقة الأمة الإسلامية ومخالفتها للأمم السابقة  في ضوء السنة النبوية . ( الاحتفال بالمولد النبوي وتهنئة غير المسلمين )

 

بحث مقدم لدرجة الاستاذية

 

موافقة الأمة الإسلامية ومخالفتها

للأمم السابقة

 في ضوء السنة النبوية .

( الاحتفال بالمولد النبوي وتهنئة غير المسلمين )

 

الدكتور

عماد السيد محمد الشربيني

أستاذ الحديث المساعد بكلية أصول الدين القاهرة

1439 هـ -  2018 م

مجلة قطاع أصول الدين محكم ومقبول النشر لعام 2018 .

 

ملخص البحث

يتناول الباحث في بحثه الرد على المحرمين لكثير من المحدثات الحسنة بحجة أنه فيها تشبه بغير المسلمين من خلال بيان ما يلي :

 

1- بيان أن الضابط في حكم المحدثات والتشبه بغير المسلمين  هو شرعنا الحنيف !

تعرض المحدثات والبدع على ميزان الشرع . فما وافق شرعنا فهو بدعة حسنة ، وما خالف شرعنا الحنيف فهو بدعة  ضلالة .

وهذا الضابط والتقسيم سلم به أهل التحقيق من الأئمة وهو جدير بالتسليم !.

وضابط المخالفة لغير المسلمين : كل ما نهانا عنه شرعنا الحنيف تحريماً أو كراهةً ، ومما هو خاص بغير المسلمين ! فهذا هو التشبه المنهي عنه شرعاً . فتجب مخالفتهم ويحرم التشبه بهم مطلقاً في المحرم ، ويستحب مخالفتهم والتميز عنهم في المكروه .

وضابط الموافقة لغير المسلمين : كل ما أمرنا به شرعنا الحنيف وحثنا عليه وجوباً أو استحباباً ، وليس خاصاً بغير المسلمين ، فهذا لا صلة له بالتشبه المنهي عنه ! اللهم إلا إذا قصد المسلم التشبه بهم فيأثم لتلك النية ! ويدخل في ضابط الموافقة أيضاً ما سكت عنه شرعنا الحنيف ، ولم يأت فيه أمر ولا نهي ، وليس خاصاً بغير المسلمين ، أو زال اختصاصه بهم ، أو مما لا يختص بأمة دون الأمم من المبتكرات والعلوم التجريبية النافعة التي تستقر بها حياة الناس ، فهذا لا يدخل في التشبه بهم المنهي عنه ، لأن العلم رحم بين الناس ، ولا يختص بأمة دون أخرى .

2- بيان جواز الاحتفال بكثير من المحدثات والبدع في حياتنا عملاً بظاهر الآية الكريمة ▬وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ([1]). وتلك الأيام بخيرها وشرها ، تشمل الأفراد والأمة والوطن.

والتذكير بتلك الأيام يعني : الاهتمام بها والاحتفال بها بما يناسب المقام .

أ- فإن كانت أيام  وقع  فيها  شر ، فالتذكير بتلك الأيام والاهتمام بها  ، يكون بالصبر علي ما وقع فيها من شر، وتدبر الأسباب وأخذ الدروس والعبر حتى لا نقع في الشر مرة ثانية .

ب- وإن كانت أيام  وقع  فيها  خير  ، فالتذكير بها والاهتمام بها  والاحتفال بها ، يكون بشكر الله تعالى عليها . بكل ألوان الشكر من صلاة  أو صيام أو صدقة  أو ذكر ...الخ.

✓☜يؤكد التفصيل السابق ختام الآية الكريمة . حيث قال رب العالمين ▐ : ▬ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ♂  بعد قوله سبحانه : ▬وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ♂   

فكلمة :(صَبَّارٍ) تشير إلي القسم الأول (أيام وقع فيها شر).

وكلمة :(شَكُورٍ) تشير إلي القسم الثاني من الأيام (أيام وقع فيها خير) .

3- بيان أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف اشتمل على محاسن وضدها ، فمن تحرى في عمله المحاسن وتجنب ضدها ، كان بدعة حسنة مباحة ، وإلا فهو بدعة ضلالة حرام أو مكروه ، بحسب ما ارتكب مما يخالف الشرع ، كما هو واضح من صريح فتوى الحافظ ابن حجر التي نقلها عنه الحافظ السيوطي.

4- الخلاصة المستفادة من كلام فقهاء الأمة في حكم تهنئة غير المسلمين في أعيادهم أنها إذا كانت مع تعظيم عملهم فإنه يُخشى على صاحبها الكفر والعياذ بالله ، أما إن كانت من غير تعظيم فخلاف بين التحريم والكراهة والاستحباب والإباحة .             

5- الراجح  في تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ، إن سلمت التهنئة  من تعظيم لدينهم ولشعائرهم والإقرار بصحتها كان ذلك بدعة حسنة مباحة من باب البر والقسط الذي أمرنا به شرعنا الحنيف ، وكان هَذَا مِمَّا يَرْفَعُ مِنْ شَأْنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ ، بَلْ وَفِيهِ دَعْوَةٌ إِلَى الْإِسْلَامِ بِحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ بِالْإِحْسَانِ إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَعَدَمِ مُعَادَاةِ مَنْ لَمْ يُعَادِهِمْ كما  قال الشيخ الشنقيطي ؒ تَعَالَى .

6- زَعْم البعض أن التهنئة قضية ولاء لغير المسلمين نَهَانَا عنها الإسلام ! فهذا غير صحيح لأن الولاء محبة ما هم عليه وتعظيمه والعمل به ، وهذا منهي عنه  في شرعنا الحنيف ،  وإنما  جواز التهنئة  هنا من باب قبول الآخر والتعايش معه بالعدل والإحسان ، وهو عمل  ظاهري دعت إليه المصلحة ودفع المفسدة ، مع سلامة الباطن من تلك المولاة . وبالتالي لا يلزم من التهنئة الموافقة على كفرهم كما زعم البعض !.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد

وعلى أله وصحبه أجمعين .

 

 

 ([1]) الآية 5من سورة إبراهيم.  

طباعة

x
Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top