وُلِدَ فضيلة الشيخ عبد الجليل عيسى أبو النصر المالكي عام 1306هـ = 1888م في محافظة كفر الشيخ، وتلقَّى علومه الأولى بالجامع الأحمدي في طنطا، ثم حصل عام 1914م على عالِمية الأزهر الشريف، وعُيِّن في العام نفسه مدرسًا بمعهد طنطا.

    وفي عام 1937م صدر أمرٌ ملكيٌّ بتعيينه شيخًا لمعهد دسوق الأزهري، ثم شيخًا لمعهد شبين الكوم الأزهري عام 1938م، وفي عام 1946م صدر أمرٌ ملكيٌّ بتعيينه عميدًا لكلية أصول الدين، وفي العام التالي (1947م) صدر أمرٌ ملكيٌّ بتعيينه عميدًا لكلية اللغة العربية.

    حصل فضيلة الشيخ عبد الجليل عيسى على عضوية لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للثقافة، ومجمع البحوث الإسلامية.

    وقد عاش الشيخ حياته نضالاً ورأيًا وعملاً من أجل أن يكون للعالِم صوتٌ في مجتمعه، وعملٌ دائبٌ في خدمة وطنه، وجهادٌ متصلٌ من أجل كلمة الحق، تقال في كل وقت وكل مكان، وعزَّز انتماؤه العربي والإسلامي في نفسه الشعور بأصالة تراثنا، وبعظمة الماضي وجلاله، ويمجد الأزهر العلمي العريق وكانت هذه الانتماءات كلها هي مكونات شخصيته.

    وكان من دلائل اهتمام الشيخ بقضايا وطنه وأمته مشاركته في ثورة 1919م ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر، وحين أعدم الاحتلالُ الإيطالي لليبيا المجاهدَ عمر المختار جهر الشيخ بمهاجمة إيطاليا؛ فأصدر الملك فؤاد توجيهات بفصله مع عدد من العلماء فأحيل للمعاش قبل الوصول إلى السن القانونية، لكن الشيخ لم ييأس حتى عاد إلى عمله بحكم قضائي سنة 1935م، وظل الشيخ جاهرًا بالحق حتى أصدر الملك فاروق مرسومًا ملكيًّا بإحالته إلى المعاش قبل السن القانونية، لكن الشيخ عاد سيرته الأولى ولجأ إلى قضاء مجلس الدولة، الذي أعاده عميدًا لكلية اللغة العربية عام 1955م مع تعويضه ماليًّا والثناء على علمه وفضله.

قدَّم الشيخ عبد الجليل عيسى للمكتبة الإسلامية عددًا من المؤلفات القيِّمة؛ منها:

    - تيسير القرآن الكريم للقراءة والفهم المستقيم، وهو تفسير كامل نفيس، سار فيه على منهج الإمام محمد عبده؛ من موضوعية ونفاذ بصيرة، وعقلية أصيلة تَزِنُ كل شيء وتحكمُ في عمقٍ على الآثار والمرويات والمأثورات.

    - المصحف الميسر، وهو مختصر على هامش المصحف، وهو أقرب الى بيان مفردات القرآن.

    - ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين، وهو كتاب شهير ظهر في ستينات القرن الماضي، ويعد من الكتب الرائدة في علم الاختلاف الفقهي.

    - صفوة صحيح البخاري، وهو عبارة عن 700 حديث مختارة من صحيح البخاري مع الشرح اليسير الواضح، وعلى هذا الكتاب نشأت أجيال عدة من طلبة المرحلة الثانوية بالأزهر.

    - اجتهاد الرسول- صلى الله عليه وسلم، وهويحمل فيه طابع الإمام محمد عبده العقلي في كتابه المشهور «رسالة التوحيد»؛ فهو قبس من جذوة الفكر العلمي التي أنار بها الإمام الطريق لجيله وللأجيال التي خلفته.

    وقد عُمِّر الشيخ عبد الجليل عيسى؛ فعاش ما يقرب من قرن من الزمان باذلاً وقته وجهده في خدمة الإسلام والمسلمين، حتى توفَّاه الله عام 1401هـ = 1981م.

    وتقديرًا لمكانة الشيخ – رحمه الله – مُنِحَ جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى.

    وتخليدًا لذِكْره أطلقت كلية اللغة العربية اسمه الكريم على إحدى قاعاتها الكبرى.

    المصدر:

    - الأزهر في ألف عام.

    - جمهرة أعلام الأزهر الشريف.