Language
Menu

Search


mona dsouky
/ أبواب: محبة وسلام

د. إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق

ثقافة التعايش الإسلامية أبقت على الكنائس والمعابد

 

      أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، في بحث علمي عن الإسلام والتعايش السلمي؛ أن الإسلام يؤمن بتعدد الحضارات ويقرها، ويرسخ الإيمان بذلك في قلوب أتباعه، مشيرًا إلى أن سيرة الرسول العطرة جسدت ذلك، وتعاطت معها واقعًا عمليًّا؛ فالتقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائمًا وأبدًا -وفق هذا القانون الحاكم- التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وما هو خصوصية حضارية.

     وأكد الهدهد في بحثه الذي أُلْقِيَ في المؤتمر التاسع عشر لحوار الثقافات والأديان لفريق حزب الشعب الأوروبي مع الكنائس والمؤسسات الدينية بفينيسيا، أن الخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة،  والاتجاه نحو البناء، والاستجابة الحضارية لتحديات الراهنة، وعكس نظرية (صدام الحضارات) التي تدفع الطرف المتسلح بـإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة، ونفي الآخر، والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري.  

     وأوضح الهدهد أن الإسلام أكد لأتباعه أن التعدد والتنوع من سنن الله في كونه، وأن  جوهر رسالته عدم إكراه الناس على الدين؛ فالتعدد سنة من سنن الله -تعالى- في الكون، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات} (المائدة/48 ). وقال أيضًا: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}(هود / 119،118).  وقال أيضًا: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} (البقرة/256) مبينًا أن  نصوص القرآن الكريم تؤكد أن الإيمان بالرسل والكتب السماوية شرط كمال إيمان المسلم، في قوله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} (البقرة/285) وأن دعوة الإسلام ترتكز على التسامح، والحوار لا الصدام، والتعايش لا التناحر، وقد جاءت نصوص القرآن والسنة المطهرة معلنة عن ذلك بكل وضوح؛ فقد أمر الله نبيه بالعفو والصفح عن غير المؤمنين به؛ قال الله تعالى: {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} (الزخرف/89،88) وأن من نتائج ثقافة التعايش التي أكد الإسلام عليها بقاء الآثار والكنائس والمعابد حتى ما يخص أتباع الديانات غير السماوية، وذلك في البلاد التي فتحها المسلمون على مر التاريخ في كل البلاد، ومن يفعل غير ذلك من داعش وغيرها يبرأ منه الإسلام، وهو ناتج عن فهم مغلوط مشوه عن الإسلام.

   وختم الهدهد بحثه موضحًا أن الأزهر الشريف يمتلك من الدراسات والأفكار ما يمكنه من طرح الرؤية الإسلامية، وبيان علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات السماوية، وليس من هدفه  ولا من رسالته تحويل غير المسلمين للإسلام، وإنما هدفه شرح حقيقة الإسلام، وأن دوره هو الحفاظ على نقاء شريعة الإسلام والدفاع عنها، مؤكدًا أن الإسلام لا يحمل عداءً للعقائد الأخرى، فالاختلاف في العقائد من طبيعة البشر، والعقائد لا تباع ولا تشترى، ولا إكراه عليها، وأن الاختلاف لا يمنع التعاون ولا التعارف؛ فجميع الأديان السماوية اتفقت على أمرين: إخلاص العبادة لله وحده، والتحلي بمكارم الأخلاق، ولم يختلف أحد على أهمية الكلمة الطيبة في حياتنا جميعًا.

الموضوع السابق حصلت على دكتوراه في الشريعة الإسلامية
الموضوع التالي ميخائيل ويردي يفتح الباب للشعراء المسيحيين لمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم
طباعة
62 Rate this article:
لا تقييم

Please login or register to post comments.

x

محبة وسلام




Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top