طه حسين
الأزهر صورة لمصر، فيه ما فيها من القوة والضعف، ومن النشاط والخمول، ومن التقدم والمحافظة، ومع أن الحياة المعاصرة قد اجتهدت في أن تعزل الأزهر ولا تعطيه حظه من الإصلاح إلابمقدار، فإن الأزهر قد قهر ظروف الحياة الحديثة، واقتحم ما بُثَّ أمامه من العقاب؛ فأبناؤه اليوم يشاركون في فروع الحياة العامة على اختلافها، فُرضت اللغات الأجنبية فتعلموها، وفُرضت الإجازات المدنية فظفروا بها، وفُرضت الدرجات الجامعية الأوربية فارتقوا إليها في الجامعات الكبرى، وعادوا يُعلِّمون في الجامعتين وغيرهما من معاهد العلم، ويشاركون في أكثر فروع الحياة المدنية، وهذا الكتاب يُنبِّه المصريين أنهم يظلمون الأزهر ويظلمون أنفسهم حين يظنون أن هذا المعهد العظيم يعيش على هامش الحياة الحديثة.
طه حسين في مقدمته لكتاب (الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة) لمؤلفه محمد كامل الفقي