12

الرأى

ذوو البصائر
mona dsouky
/ أبواب: رأى

ذوو البصائر

أ.د. إبراهيم الهدهد

 

      أعطى الإسلام للمعاقين حقوقهم؛ فحرص على دمجهم في مجتمعاتهم؛ حيث ولى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أم مكتوم على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته، وعلم المجتمع الذي يعيش فيه المعاق السلوك الذي يجب عليهم أن يسلكوه في معاملتهم لإخوانهم وأهليهم من ذوي العاهات؛ فهو يعلن بصريح العبارة أن ما حل بإخوانهم من بلاء لا ينقص قدرهم، ولا ينال من قيمتهم في المجتمع، فهم جميعًا سواء لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى، فقد يكون صاحب العاهة أفضل وأكرم عند الله من ألف صحيح معافى؛ فقال تعالى :{إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فالميزان الحقيقي هو التقوى وليس المال أو الجاه أو الصحة أو الصورة الخارجية أو غير ذلك؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق الغاية السامية من هذه الحياة إلا إذا تحقق ميزان التقوى، وقد أكــد الــرســــول    -صلى الله عليه وسلم- هذه القيمة في أكثر من حديث؛ ففي حجة الوداع التي حوت جوامع الكلم وأخطر قواعد الإسلام قال -صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، خيركم عند الله أتقاكم)، ولكي ينزع من النفوس بقايا القيم الأرضية قال -صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، فالمجتمع الذي يزدري الأصحاءُ فيه أهلَ البلاء يكون مصدرَ شقاءٍ وألمٍ لهؤلاء قد يفوق ألم المصيبة، وربما فاقها فعلًا، فكم من ذوي البلاء من حمل عاهته ورضي بواقعه إلا  أنه لا يمكن أن ينسى نظرة احتقار من أحد الناس، بل إننا جميعًا قد ننسى كل متاعب الحياة ومصاعبها ولا ننسى بسمة سخرية أو كلمة استخفاف تلقيناها من الآخرين، ألم يقل أبو الطيب:

جراحات السنان لها التئام                       ولا يلتام ما جرح اللسان

الموضوع التالي هدية الله للأزهر
طباعة
121 Rate this article:
لا تقييم

Please login or register to post comments.

x




Copyright 2024 by Al-Azhar Al-Sharif Terms Of Use Privacy Statement
Back To Top